«فايننشال تايمز»: الأسر الأمريكية تواجه ضغوطاً مالية غير مسبوقة

ارتفاع حالات التخلف عن سداد بطاقات الائتمان

«فايننشال تايمز»: الأسر الأمريكية تواجه ضغوطاً مالية غير مسبوقة
إحدى الأسر الأمريكية تراجع وضعها المالي

سجلت حالات التخلف عن سداد قروض بطاقات الائتمان في الولايات المتحدة أعلى مستوياتها منذ أزمة 2008 المالية، مما يعكس تدهور الوضع المالي للمستهلكين ذوي الدخل المنخفض بعد سنوات من التضخم المرتفع.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، الأحد، جاء هذا الارتفاع في وقت يعاني فيه العديد من المواطنين من تراكم الديون وارتفاع تكاليف المعيشة، مما يعكس استمرار تداعيات التضخم على الاقتصاد الأمريكي.

وكتبت المؤسسات المالية التي تقدم قروضًا لبطاقات الائتمان مخصصات مالية ضخمة بلغت 46 مليار دولار من القروض المتأخرة بشكل كبير في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وفقًا للبيانات الصادرة عن "بنك ريج داتا"، تعد هذه الزيادة الأعلى منذ 14 عامًا، وتشير مخصصات المحو إلى القروض التي تقرر المؤسسات المالية أنها لا يمكن تحصيلها، وهي واحدة من المؤشرات الأكثر متابعة لمستوى الديون المتعثرة في السوق.

الأسر ذات الدخل المنخفض

قال رئيس "موديز أناليتيكس"، مارك زاندي، إن الأسر ذات الدخل المرتفع لا تزال قادرة على مواجهة التحديات المالية، لكن الوضع يختلف تمامًا بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض، التي أصبحت تعاني من ضغوط مالية كبيرة.

وأضاف أن معدل الادخار لدى هذه الأسر وصل إلى صفر، ما يعني أن معظم مدخراتهم قد استنفدت بسبب ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة.

التضخم وارتفاع أسعار الفائدة

أدى ارتفاع الأسعار خلال السنوات الماضية، إلى جانب سياسة رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى زيادة الضغوط على العديد من الأسر التي تعاني من ارتفاع تكاليف الاقتراض.

وأوضحت الصحيفة أنه رغم أن البنوك لم تقم بعد بالإعلان عن نتائج الربع الرابع من عام 2024، إلا أن المؤشرات الأولية توضح أن المزيد من المستهلكين أصبحوا يعجزون عن سداد ديونهم في الوقت المحدد، على سبيل المثال أفادت "كابيتال وان"، ثالث أكبر مؤسسة إقراض في الولايات المتحدة، بأن نسبة القروض المتعثرة لديها ارتفعت إلى 6.1% في نوفمبر 2024، مقارنة بـ5.2% في العام الماضي.

التأثير المستمر للمدخرات الضعيفة

وذكرت الصحيفة أنه بعد انتهاء فترات الإغلاق الناتجة عن جائحة كورونا، خرج العديد من المستهلكين في الولايات المتحدة وهم يمتلكون أموالًا وفيرة من المدخرات، مما دفعهم لإنفاق المزيد باستخدام بطاقات الائتمان.

واستغلت المؤسسات المالية هذه الفرصة وسجلت العملاء الجدد، حتى من أولئك الذين لم يكونوا مؤهلين للحصول على القروض في الماضي.

وأشارت إلى ارتفاع أرصدة بطاقات الائتمان بشكل كبير، حيث بلغت الزيادة الإجمالية في الأعوام 2022 و2023 نحو 270 مليار دولار، مما دفع إجمالي الديون المستحقة على بطاقات الائتمان في الولايات المتحدة إلى تجاوز تريليون دولار لأول مرة في منتصف عام 2023.

زيادة تكاليف الدين

وأوضحت الصحيفة أنه مع زيادة الأرصدة وارتفاع أسعار الفائدة، أصبحت الأسرة الأمريكية المثقلة بالديون تدفع نحو 170 مليار دولار كفوائد على القروض خلال الـ12 شهرًا التي انتهت في سبتمبر 2024، أسهمت هذه الفوائد في تقليص الأموال التي كانت تتوفر في حسابات المستهلكين، لا سيما أولئك من ذوي الدخل المنخفض، ما أدى إلى زيادة عدد المقترضين الذين أصبحوا يواجهون صعوبة في سداد ديونهم.

وبعد أن تخطت حالات المحو 60 مليار دولار في العام الماضي، لا يزال هناك 37 مليار دولار من ديون بطاقات الائتمان متأخرة لمدة شهر أو أكثر، تشير البيانات إلى أن معدلات التأخر في سداد القروض، التي تُعتبر مؤشرًا مبكرًا على محو الديون، وصلت إلى أعلى مستوى في يوليو 2024، ورغم أنها انخفضت قليلاً، فإن المعدلات تبقى أعلى بنسبة تقارب نقطة مئوية مقارنة بالعام الذي سبق الجائحة.

عدم اليقين الاقتصادي

أدت التوقعات بتخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة في عام 2025 إلى تزايد الأمل بين المستهلكين، لكن هذه التوقعات تبخرت الأسبوع الماضي بعد أن أعلن المسؤولون عن تخفيضات منخفضة قدرها نصف نقطة مئوية في العام المقبل، وهو ما يعتبر أقل من التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى تخفيض قدره نقطة مئوية.

وفي ظل هذه الظروف، يرى أوديسيوس باباديميتريو، رئيس "واليت هب" أن الوضع المالي للمستهلكين لن يتحسن في القريب العاجل"، مضيفًا أن معدلات التأخر في سداد القروض تشير إلى وجود مزيد من التحديات الاقتصادية في المستقبل القريب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية